بين العزلة الاختيارية و الاختلاط المفروض، تضيع ميزات الصفة الاجتماعية
...بين العزلة الاختيارية و الاختلاط المفروض، تضيع ميزات الصفة الاجتماعية
قد تكون الشخصية الاجتماعية هي الحالة العادية و الصفة الطبيعية للشخص الناجح، وقد يعتبرها البعض شرطا للنجاح. فغالبا ما يتم اعتبار الشخص الاجتماعي اكثر انفتاحا على العالم، الاكثر نشاطا والاكثر استقرارا على المستوى النفسي،عكس غريمه في الجهة المقابلة الشخص الانطوائي "محدود الافكار"، "قليل الخبرة" و "المضطرب نفسيا" الى اخره من الصفات الموجهة اليه. فهذه هي النظرة النمطية التي يحكم بها الغلبة على هاتين الشخصيتين حتى وان كان الحكم يدعي اللانمطية و التفكير خارج الصندوق. فهل يمكن اعتبار النجاح حكرا على الاشخاص الاجتماعيين؟ وهل من المنطقي تصنيف الشخص انطلاقا من عزلة قد اختارها او ربما في بعض الاحيان فرضت عليه؟ وهل فعلا يمكن اعتبار العزلة عائقا لنمو العقل وتطور الافكار وحاجزا للابداع؟
يمكن اعتبار الصفة الاجتماعية للانسان عاملا من عوامل البقاء،فالانسان اجتماعي بطبعه .فلطالما اعتُبِرت الصفة الاجتماعية للفرد ميزة تحسب له ولطالما تم اعتبار الشخص الاجتماعي الافضل لتولي مناصب القيادة لما له من قدرة على الاندماج مع الاخرين بل حتى والتأتير في ارائهم ومعتقداتهم، وبهذا المنطق تعتبر العزلة شذوذا عن السائد، وبالتالي تهديدا للوجود البشري في عمقها
في المقابل يقول سيغموند فرويد مؤسس مدرسة التحليل النفسي وعلم النفس الحديث; ''ان الانا مضطر ان يخدم تلاثة من السادة الاشداء، وهؤلاء التلاثة هم: العالم الخارجي، الانا الاعلى والهو" يمكن تحليل اقتباس سيغموند فرويد من منظور علاقة الشخص مع طرفين اساسيين في الوجود البشري اي علاقة آلشخص مع الانا من طرف وعلاقته مع الهو والعالم الخارجي من طرف اخر، قد يكون تشبيه فرويد للهو بالسيد المستبد نقطه" انطلاق في تفسير علاقة الشخصية الاجتماعية مع الاخر "الهو" او العالم الخارجي باعتبار الطرف المسيطر و السيد المهيمن في هذه العلاقة هو الاخر (الهو) فبالتالي لا يمكن اقصاؤه وانما الهدف من وجود الانا هو خدمة هذا الاخر دون القدرة على التخلي عنه مما يقودنا الى استخلاص ان الشخص الانطوائي هو في الحقيقة ذو شخصية اقوى واكثر استقلالا من نظيره الاجتماعي .او ببساطة فالانفراد بشكليهه (اختياري او مفروض) انما هو انتصار للانا على الهو واستقلال للشخص عن العالم الخارجي.
قد تكون العزلة نتاجا لمرض او اكتئاب كما يمكن ان تكون ابداعا وصفاء وبعدا عن الصاراعات. احب ان اقتبس مقولة لسقراط: " لا يستطيع العيش في منفردا الا من كان حيوانا او الها" فاعتبر الانطوائي من تشاء منهما المهم ان تدرك ان حتى العزله اختيار.

Commentaires
Enregistrer un commentaire